بسم الله الرحمن الرحيم
هذه قصة عجيبة مرت بي أثناء المطالعة، وددت أن أنقلها لكم لما فيها من فائدة وعبرة
قال عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله في كتابه الحافل الماتع "صفحات من صبر العلماء" في طبعته السادسة (164)، قال:
" ...بما سمعته من أحد شيوخي في بلدنا حلب رحمه الله تعالى، أن الشيخ إبراهيم الهلالي الحلبي العالم الصالح الجليل، ذهب إلى جامع الزهر يطلب العلم، وأثناء طلبه للعم أملق-أي فقر- وافتقر إلى النفقة، ومضى عليه أكثر من يوم وهو لا يجد ما يأكل، وجاع جوعا شديدا، فخرج من غرفته في الأزهر ليسأل اللقمة والطعام، فشاهد بابا مفتوحا، وشم منه رائحة الطعام الزكية.
فدخل الباب إلى المطبخ فلم يجد احدا، ووجد طعاما شهيا، فأخذ الملعقة وغمسها فيه، ثم لما رفعها إلى فمه انقبضت نفسه عن تناولها، إذ لم يؤذن بتناولها، فتركها وخرج بجوعه وسغبه إلى غرفته في رواق الزهر.
ولم يمض عليه نحو ساعة واحدة إلا واحد شيوخه ومعه رجل يدخلان عليه غرفته، ويقول له الشيخ:
هذا الرجل الفاضل، جاءني يريد طالب علم صالح، اختاره لأبنته زوجا، وقد اخترتك له، فقم بنا إلى بيته ليتم العقد بينكما، وتكون من أهل بيته.
فتحامل الشيخ إبراهيم على نفسه ممتثلا امر شيخه، وقام معهما، وإذا هما يذهبان به إلى البيت الذي دخله وغمس الملعقة في طعامه، ولما جلس عقد له والدها عليها وبادر بالطعام، فكان الطعام الذي غمس الملعقة فيه ثم تركها، فأكل منه قائلا في نفسه:
امتنعت عنه بغير إذن الله، فأطعمنيه الله بإذنه مكرما معززا زوجا
ثم قدمت معه تلك المرأة الصالحة إلى حلب بعد إنتهائه من التحصيل، وكانت ام أبنائه الصالحين..."
فسبحان من اغنى بالحلال عن الحرام، وقسم لكل مخلوق رزقه وطعامه وشرابه، فلا بد انه اكله ونائله.
وكم فيها من فوائد وعبر تنادي كلماتها بقوله تعالى "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب
وفيها كذلك حرص الوالدين على تزويج بناته وبل وعرضهن على طلبة العلم والصالحين، إقتداءا بالصالحين