الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.



هذه رسالة تتضمن ردا على موضوع أورد فيه صاحبه كلاما ملخصه: إن إبليس جاء في هيئة شيخ أعور... إلى مجلس رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنه مأمور من الله كي يطلعهم على كيفية مكره وإغوائه لبني آدم.وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بالإصغاء لتوجيهات إبليس. وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرح أسئلة وإبليس يجيب.

وقد تناول هذا الرد العناصر التالية :



---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------1- خطورة الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم

2- مناقشة ما ورد من سند للمقالة المزعومة.

3- نقد لما تضمنه متن المقالة .

4- خاتمة.



1- خطورة الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

.يقول الله تعالى:{ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا }الإسراء-36-

هذا نهي وجهه الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، على أن لا يتبع بقول ولا بعمل ما لا يقوم على دليل أو حجة.ولم يكتف بالنهي، بل حمل المسؤولية كاملة لوسائل وأدوات الإدراك التي وهبها الله له ، من سمع وبصر وعقل ووجدان...فالله،سبحانه،

سائل هاته الأدوات،ومقاضيها ومحاسبها ومستشهدها يوم القيامة على ما اقترفت من سوء،لاستبدالها الحقيقة بالخرافة،والعلم بالجهل،والحق بالباطل،والهدى بالضلال، والصدق بالكذب.

ولقد قرر علماء أصول الفقه قاعدة أنه (ماخوطب به رسول الله،صلى الله عليه وسلم،هو خطاب موجه له ولمن آمن به ما لم تأت قرينة تخصصه)

وبذالك فكل مسلم مكلف معني بهذا النهي،ومحاسب يوم القيامة عن أدواته الإدراكية ماذا عمل بها وكيف وظفها.

.إن الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على غيرهما:يقول الرسول صلى الله عليه وسلم{إن كذبا علي ليس ككذب على أحد}أخرجه البخاري في كتاب الجنائز،باب ما يكره من النياحة علي الميت.

.من يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيكون مسكنه ومقامه في الآخرة النار:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم{من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار}أخرجه البخاري في كتاب العلم باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم.

.الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو كذب على الله،وقد وعد الله الذين يفترون عليه الكذب بالخسران والعذاب الشديد:قال الله تعالى{قل إن الذين يفترون على الله الكذب لايفلحون،متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم تم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون}يونس69-70

.الكذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كالكذب عليه:فقد اعتقد بعض الجهلة بالدين أن الكذب بهدف الوعظ ومناصرة الشريعة جائز.يقول الحافظ ابن حجروقد اغتر قوم من الجهلة فوضعوا أحاديث في الترغيب والترهيب وقالوا:نحن لم نكذب عليه بل فعلنا ذالك لتأييد الشريعة،وما دروا أن تقويله ،صلى الله عليه وسلم،ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى،لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية سواء كان في الإيجاب أو الندب،وكذا مقابلهما وهو الحرام والمكروه)فتح الباري ج1.ص199.

.من التبعات والنتائج الخطيرة للكذب على الله وعلى رسوله، صلى الله عليه وسلم، أن المفتري يلحق بالدين ما ليس منه، فينطلي هذا الكذب على من ليس له علم بالكتاب والسنة فيعمل به،ولا يقبل منه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد}البخاري (2697) ومسلم (1718) .

ويكون هذا الإفتراء، من جهة أخرى، حائلا وفتنة لمن لم يدخل الإيمان في قلوبهم، ومتكئا لمن يتربصون ويحاربون الإسلام.ذالك لأن الإفتراء على الدين عمل بشري ،و العمل البشري ،كما هو معلوم، يشوبه الضعف والخطأ والتناقض أحيانا، فيلصق الجهل والباطل و الخرافة بهذا الدين، والدين منها براء، قال الله تعالى: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}النساء 82.

.ولقد استنبط علماء المسلمين من نصوص الوحي القرآني والنبوي قاعدة علمية ثمينة تؤسس للعقيدة والفكر السليمين وهي قولهم:"إن كنت ناقلا فالصحة أو مدعيا فالدليل"



2- مناقشة ما ورد من سند للمقالة المزعومة.

.ضمت المقالة المزعومة ثمان صفحات وليست فيها أية إشارة إلى مصدر هذا الكلام المزعوم.

.يدعي الكاتب أن ما أورده حديثا نبويا، والأحاديث النبوية مبسوطة في كتب السنة والتي هي:

الجامع الصحيح للبخاري، وصحيح مسلم وموطأ مالك ومسند أحمد وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن ابن ماجة ومصنف ابن أبي شيبة والسنن الكبرى للبيهقي وبغية الحارث ومصنف عبد الرزاق والسنن الكبرى للنسائي وأخبار مكة للأزرقي وأخبار مكة للفاكهي والإبانة الكبرى لابن بطة والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم والشمائل المحمدية للترمذي والمستدرك على الصحيحين للحاكم والمعجم الكبير للطبراني والمعجم الأوسط للطبراني والمعجم الصغير للطبراني وتفسير ابن أبي حاتم وتهذيب الآثار للطبري ودلائل النبوة للبيهقي وشعب الإيمان للبيهقي وسنن الدارمي ومستخرج أبي عوانة ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند الحميدي وسنن الدارقطني وصحيح ابن حبان وصحيح ابن حزيمة ومسند عبد الله بن المبارك ومسند عبد بن حميد ومسند الشافعي ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ومعرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني ومسند الشاميين للطبراني ومسند الشهاب القضاعي ومسند الطيالسي ومشكل الآثار للطحاوي.

.لا يوجد على الإطلاق هذا الحديث المزعوم في كتاب من كتب التفسير أو السنة.

.كما أنه لا توجد على الإطلاق رواية لحديث سمعه معاذ بن جبل من عبد الله بن عباس. وإنما جاءت أحاديث سمعها ابن عباس من معاذ بن جبل. وهي ثلاثة:

الأول: عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال أبو بكر ربما قال وكيع عن ابن عباس أن معاذا قال {بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فان هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب}صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.

الثاني: عن ابن عباس عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إياكم ودعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب}مصنف أبي شيبة.



الثالث: عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{إن شئتم أنبأتكم بأول ما يقول الله للمؤمن يوم القيامة وبأول ما يقولون؟"قالوا: نعم يا رسول الله قال: يقول للمؤمنين: هل أحببتم لقائي؟ قال: فيقولون: نعم يا ربنا فيقول: لم؟ فيقولون: رجونا عفوك ورحمتك، فيقول: إني قد أوجبت لكم رحمتي}شعب الإيمان للبيهقي باب في الرجاء من الله تعالى(رقم الحديث 1063).

وبذلك فالمقالة المزعومة لا سند تقوم عليه وأنها افتراء وكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولننتقل إلى مثن ومضمون الرواية لكي نثبت تناقضها وتصادمها مع النصوص القرآنية والنبوية.



3- نقد لما تضمنه متن المقالة.

.إن النص المزعوم يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس مع إبليس والرسول صلى الله عليه وسلم يتجنب حضور المجلس الذي فيه شيطان:

فعن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة (أن رجلا كان يسب أبا بكر عند الني صلى الله عليه وسلم و أبو بكر ساكت فلما سكت الرجل رد أبو بكر كلمة

فقام النبي صلى الله عليه وسلم و اتبعه أبو بكر فقال يا رسول الله يسبني و أنت قاعد فلما رددت أو انتصرت أو نحو هذا، قمت؟ قال:إنه كان ملك يرد عليه، ويقول: كذبت،فلما تكلمت وقع الشيطان فكرهت أن أجلس)الطبراني في المعجم الكبير والأوسط متصلا وأبو داود في سننه مرسلا وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة(رقمه 2376).

وجاء في رواية أبي داود (فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان).

.جاء في النص المفترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة بالإصغاء لإبليس(وحاشاه أن يفعل ذلك) فقال:"فافهموا ما يقول واسمعوا منه ما يحدثكم"

لا يمكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالف دعوة القرآن الكريم وأمره يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يامر بالفحشاء والمنكر}النور21

يقول الإمام الطبري في تفسيره لهاته الآية( يقول تعالى للمؤمنين يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه، ولا تقتفوا آثاره).

ويقول ابن كثير( يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به ).

.زعم صاحب المقال أن الله تعالى قال لإبليس"فوعزتي وجلالي لئن كذبته بكذبة واحدة ولم تصدقه لأجعلنك رمادا تذروه الرياح"

وهذا الكلام يتناقض بشكل صريح وواضح مع القرآن الكريم الذي أعلن فيه الله قضاءه وحكمه في إبليس حين لعنه وطرده من رحمته، قال سبحانه{ قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم} الحجر 37-38 .فكيف ينقض الله حكمه ووعيده( تعالى الله عن ذلك) وهو يقول{وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا}النساء 122.

.كما زعم صاحب الهراء أن عمر بن الخطاب هم بقتل إبليس فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمبرر أن الله جعل إبليس من المنظرين، وكأن عزم عمر وفعله سيلغي حكم وقضاء الله بالإنظار لإبليس!!

.ادعاء صاحب المقال أن الله بعث ملكا لإبليس ليكلف بمهمة، خدمة للنبي صلى الله عليه وسلم وللصحابة وللمؤمنين من بعدهم إلى يوم القيامة. فإذا افترضنا ذلك، فهذا تشريف لإبليس وإعزاز ورفعة له لأن الآمر هو الله عز وجل و المبعوث ملك كريم والمعنيين رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والمؤمنون من بعدهم. بينما الأمر عكس ذلك. فإبليس أحقر وأحط خلق الله. قال الله تعالى، موجها الخطاب لإبليس حين طرده{ فاخرج إنك من الصاغرين}الأعراف13.

وقال سبحانه: { قال اخرج منها مذؤوما مدحورا. لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين}الأعراف18.

.زعم صاحب المقال أن إبليس قال: " وقد جئتك يا محمد كما أمرت"

وهذا فيه إشارة إلى أن إبليس أطاع الله بما أمره به، بينما الثابت كما ورد في القرآن الكريم أن إبليس لا يفارق المعصية ولا تفارقه المعصية. يقول الله تعالى: {إن الشيطان كان للرحمان عصيا}مريم44.

قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره( وذكر وصف "عصيا" الذي هو من صيغ المبالغة في العصيان مع زيادة فعل "كان" للدلالة على أنه لا يفارق عصيان ربه وأنه متمكن منه، فلا جرم أنه متمكن منه، فلا جرم أنه لا يأمر إلا بما ينافي الرحمة، أي بما يفضي إلى النقمة)التحرير والتنوير.

.زعم صاحب المقال أن إبليس صرح بأنه يستحيي من عثمان لكون الملائكة تستحيي من عثمان. ومعلوم أن إبليس لم يستحيي من الله تعالى ولم ينفذ أمره وتكبر، فكيف سيقتدي بالملائكة ؟!

قال الله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين}البقرة32.

فقد زعم صاحب المقال أن إبليس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أنت يا محمد أبغض خلق الله إلي، ومن هو على مثلك"

فعثمان صحابي جليل، رضي الله عنه، ورضي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضيت عنه ملائكة الرحمان. فعن حفصة ابنة عمر بن الخطاب قالت( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قد وضع ثوبه بين فخذيه فجاء أبو بكر فاستأذن فأذن له وهو على هيئته ثم عمر بمثل هذه القصة ثم علي ثم ناس من أصحابه والنبي صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عثمان فاستأذن فأذن له فأخذ ثوبه فتجلله فتحدثوا ثم خرجوا قلت يا رسول الله جاء أبو بكر وعمر وعلي وسائر أصحابك وأنت على هيئتك فلما جاء عثمان تجللت بثوبك فقال ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة)أخرجه الإمام أحمد و البيهقي والحاكم و الطبراني وأورده الألباني في صحيح الجامع(رقمه3978)

إذن فإن عثمان على مثل ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال صاحب المقال أن إبليس أقر أنه يبغض كل من كان على مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يستقيم حياء إبليس من عثمان وبغضه له؟ّ!

.زعم صاحب المقال أن إبليس قال عن عمر بن الخطاب" والله ما لقيته إلا وهربت منه":

ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب{ والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك} أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده. فقد زعم صاحب المقال أن عمر كان من بين جلساء المجلس الذي وقف فيه إبليس وعظا ومعلما وموجها( وحاشى أن يكون كذلك). فإذا كان الشيطان لا يستطيع أن يلتقي بعمر في طريق فكيف يجرؤ أن يلتقي به في مجلس ويلقي عليه مواعظ؟!

.زعم صاحب المقال أن إبليس قال"أما علمت يا محمد أن من أحب الدرهم والدينار ليس بمخلص لله تعالى"

إن محبة المال لا تناقض الإخلاص لله عز وجل فقد ذكر القرآن صفات أهل البر و التقوى، وذكر أنهم يحبون المال، ومع حبهم له، فهم ينفقونه في سبيل الله. ولم تخدش محبتهم للمال إخلاصهم لله ومكانتهم العالية عند الله، قال الله تعالى{ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب ولكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر والملائكة والكتاب و النبيئين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون}البقرة177.

.زعم صاحب المقال أن حب المال من الكبائر بقول إبليس" أما علمت أن حب المال من أكبر الكبائر يا محمد":

ففي الفقرة السابقة أوردنا نصا قرآنيا واضحا( البقرة الآية 177)ذكر فيها الله تعالى فئة رفيعة المقام عنده وصفها بالصدق والتقوى وعلو المنزلة ومن صفات هذا الصنف من المؤمنين أنه يحب المال، إذ لو كان حب المال كبيرة لكانوا في سلك العصاة والمبعدين عن الله

.إن هذا الزعم الباطل فيه حط من منزلة القرآن العظيم وفيه نيل من مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكأن القرآن لم يحدثنا عن إبليس وعن فلسفته ومنهجه وخططه، وكأن السنة أغفلت هذا أيضا. بينما الأمر عكس ذلك بالكلية.فالقرآن والسنة النبوية كشفا بشكل دقيق وجلي مادة خلق إبليس وتاريخه ومنهجه وخططه وأهدافه ومكره وإغواءه ومعاشه... فلم يغفلا شيئا عنه. وهذا وبسط لبعض ماجاء في القرآن والسنة عن إبليس:

فمن صفاته:

-الضعف: يقول الله تعالى:{فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا} النساء76

-الكذب والجبن: قال الله تعالى:{ وما يعدهم الشيطان إلا غرورا}النساء120 .وصف الله تعالى جبن الشيطان في معركة بدر فقال{ وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لاغالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم. فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله،والله شديد العقاب}الأنفال48

-التبذير للمال وللوقت وللصحة ولكل نعمة: يقول الله تعالى:{إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا}الإسراء27 .

ومن أعماله:

-الخمر و الميسر والأنصاب والأزلام: يقول الله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}المائدة90.

-تبوله في أذن من أخر صلاة الصبح عن وقتها، فقد أخرج البخاري ومسلم عن عبد لله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قتال ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه أو قال في أذنه)صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق،باب صفة إبليس وجنوده(رقم الحديث 3030)

-الفرار من سماع الآذان والإقامة:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط فإذا قضى أقبل فإذا ثوب بها أدبر...)البخاري.كتاب الصلاة(رقمه 1155).

وهذه بعض مداخله وطرق إغوائه:

-الأمر بالسوء والفحشاء والقول على الله بغير علم، قال الله تعالى: {إنما يامركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}البقرة166 .

-الإستحواذ: قال الله تعالى: {استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله}المجادلة19.

-النزغات: يقول الله تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا} الإسراء 83 .

-التخويف بالفقر:قال الله تعالى: { الشيطان يعدكم الفقر}البقرة268.

-الإيحاء بالمجادلة قال الله تعالى:{ وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} الأنعام 121.

-تحريم ماأحل الله: قال الله تعالى: { كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}الأنعام 142.

قال ابن جرير الطبري في تفسيره لهاته الآية(كلوا مما رزقكم الله، أيها المؤمنون،... {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} كما اتبعها باحرو البحيرة، ومسيبو السوائب، فتحرموا على أنفسكم من طيب رزق الله الذي رزقكم ما حرموه، فتطيعوا بذلك الشيطان وتعصوا به الرحمان)

-غرس اليأس: قال الطبري في معنى إسم إبليس: " و إبليس(إفعيل) من الإبلاس، والإياس من الخير والندم والحزن... وكما قال الله جل ثناؤه{ فإذا هم مبلسون} الأنعام 144 ، يعني به :أنهم آيسون من الخير، نادمون حزنا" .

فهذه طبيعته، فهو آيس من الخير، وهذه الصفة المركوزة في كيانه، يبذل كل جهده وإمكاناته لنقلها وبثها في الإنسان يقول الله تعالى: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} يوسف 87.

-مشاركته الإنسان الذي لا يذكر الله ولا يستجير بالله في المال والأولاد وفي كل شيئ :قال الله تعالى: { وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا} الإسراء 64.

وقوله سبحانه: { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا} الإسراء 64.

-تفكيك الأسرة: فقد قال الله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام{وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي} يوسف 100.

وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فـأدناهم منه منزلتا أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيذنيه منه ويقول نعم أنت) مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قرينا(رقمه 5032).

-الغضب: قال الله تعالى على لسان موسى، حين قتل موسى القبطي وانتصر للعبري وذلك حينما ألقى عدو الله الشيطان في نفس موسى الغضب{ هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} القصص15.

-الوسوسة: قال الله تعالى: { قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس}الناس.

ويطول الموضوع إذا تتبعنا النصوص القرآنية والنبوية الكاشفة بجلاء عن خبث إبليس ومنهجه وصفاته وطرقه في إغواء البشر... .

فكيف تم الإستغناء عن هذا وغيره المبثوث في نصوص الوحي، القرآني والنبوي، وتم الإلتجاء من صاحب المقال إلى الإفتراء والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!



4- خاتمة:



إن القرآن الكريم والسنة النبوية تحذران بشده من يسن عقيدة أو قولا أو عملا باطلا فيقتدى به في ذلك فيكون عليه من الآثام مثل مرتكبه، قال الله تعالى: { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}النحل25.

وفي الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) مسلم 1017.

ولذلك وجب عدم الترويج للمقالة المزعومة و الباطلة بل وجب دحضها وتبيان زيفها وبطلانها.

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مشكوووووور اخي على لامجهود الرائع