كيف نشأت البحار على هذه الأرض، ومن أين جاء ماء الأرض، وهل تحدث القرآن عن نزول الماء من السماء كما يقول العلماء اليوم؟.....
الماء هو المادة التي تميز كوكبنا وتعطيه اللون الأزرق عندما ننظر إليه من الفضاء الخارجي. والماء هو أصل الحياة على الأرض، والماء هو المادة التي لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدونها أبداً!
يغطي الماء أكثر من 70 بالمئة من سطح الأرض، ويكون أكثر من 70 بالمئة من أجسامنا، والماء يتألف من عنصرين الهيدروجين والأكسجين. ويقول العلماء إن الهيدروجين هو أول عنصر تشكل في الكون لأنه من أخف العناصر في الكون.
أما الأكسجين فهو العنصر الثامن من عناصر الكون المستقرة التي يبلغ عددها 99 عنصراً، وقد تشكل هذين العنصرين في المجرات البعيدة، ثم حُملا مع النيازك والمذنيات التي قذفت الأرض لملايين السنين بكميات كبيرة، وذلك قبل أريعه آلاف مليون سنة.
فالنيازك المتساقطة على الأرض تكون عادة محملة بآثار للمياه، وآثار للحياة، وهذا ما يلاحظه العلماء لدى تحليلهم لبعض النيازك المتساقطة حديثاً والتي تخترق الغلاف الجوي وتصل إلى سطح الأرض.
هذه النيازك ضربت القمر أيضاً وأصبح مثقباً بشدة، ولكن الماء لا يمكن أن يتماسك على ظهر القمر بسبب الجاذبية المنخفضة له. بينما الأرض فإن الله خلقها بالحجم المناسب الذي يسبب جاذبية مناسبة لجذب الماء من هذه النيازك وإبقائه على ظهرها دون أن يتطاير في الفضاء الخارجي.
فمع مرور الزمن تلقت الأرض ملايين النيازك وبعض المذنبات ضربت الأرض أيضاً، والمذنب يكون له ذيل من الثلج عادة، فتلقت الأرض كميات كبيرة من المياه شكلت المحيطات والبحار، وساهمت في تشكيل الغلاف الجوي.
وهكذا يتبين أن الماء الذي نراه من حولنا قد نزل من السماء، ولذلك نجد القرآن يؤكد على هذه الحقيقة دائماً بقول الحق تبارك وتعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: 18]. وهكذا كثير من الآيات جاءت بصيغة إنزال الماء من السماء.
وتأمل أخي القارئ كيف جاءت الآية الكريمة لتؤكد أن الماء الذي أنزله الله من السماء يسكن في الأرض، ولو كانت جاذبية الأرض أقل مما هي عليه بقليل لذهب الماء وتطاير في الفضاء الخارجي. ولو كانت جاذبية الأرض كبيرة وأكبر مما هي عليه، فإن الأرض ستلتقط كميات كبيرة من الماء وستغمر المياه سطح الأرض ولن تكون الأرض قابلة للحياة.
ولكن قد يقول قائل هناك آيات تتحدث عن نزول الماء من الغيوم، والغيوم تقع ضمن الغلاف الجوي للأرض، فكيف يكون الماء قد نزل من السماء؟ ونقول إن من عظمة الإعجاز القرآني أن الآية تجمع لنا العديد من المعاني، وجميعها صحيح.
فالماء الموجود على الأرض أنزله الله من السماء، وأسكنه في الأرض لأن حجم الأرض مناسب لإقامة الماء فيه. كذلك جعل الله الغلاف الجوي سماء بالنسبة لنا، لأن السماء هي السقف، فقال: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) [الأنبياء: 32]. وهنا تشير الآية إلى الغلاف الجوي الذي يحفظ الأرض من الأشعة الكونية والأشعة فوق البنفسجية المدمرة والضارة والتي لو وصلت إلى أجسادنا لأحرقتها، وكذلك يحفظ الأرض من بلايين النيازك والأحجار والإشعاعات التي تصيب الأرض فيبعدها ويشتتها ويحفظ الله به الحياة لنا على الأرض.
وعندما يقول تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا) [الفرقان: 48-50]. فهذه الآية تتحدث عن إنزال الماء من الغيوم، ولكنها تحمل إشارة خفية إلى أن أصل الماء نزل من السماء، والقرآن كتاب عظيم ويحوي الكثير من الإشارات الخفية.
وبالتالي يمكننا أن نعتبر أن عبارة (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) تتضمن معنيين: الأول إنزال الماء من السماء داخل الغلاف الجوي لأن الغلاف الجوي هو سماء بالنسبة لنا، والثاني أن الماء أصلاً قد نزل من السماء من الفضاء الخارجي وسكن الأرض.
إذن عندما يرى العلماء حديثاً كثيراً من الدلائل والإشارات لنزول الماء من السماء وأن الماء قد جاء من الفضاء الخارجي، ونرى بأن القرآن يحوي بعض الإشارات التي تؤكد ذلك، فهذا يدل على توافق العلم والقرآن، يقول تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].