بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحنان المنان و الصلاة و السلام على النبي العدنان محمد بن عبد الله رحمة الله للأنام
لا يخفى على أحد من أهل الإسلام وجوب محبة النبي الكريم صلوات ربي و سلامه عليه و لكن ما يخفى على البعض كيف تكون هذه المحبة و ما هي حقيقتها و ضوابطها الشرعية
فما هي حقيقة حب النبي صلى الله عليه و سلم ؟
فالذي ينظر في أحوال المسلمين يجد أنه ما من مسلم إلا و هو يقول أو يدعي محبة النبي صلى الله عليه و سلم و إذا نظرت لحاله تجده يخالف ما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم و ما أمر به إلا من رحم ربي .
و قد نسى أو تناسى قول الحق سبحانه و تعالى { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31 وهذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله -تعالى- وليس متبعًا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حق الاتباع, مطيعًا له في أمره ونهيه, فإنه كاذب في دعواه حتى يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم حق الاتباع. تفسير ابن كثير / التفسير الميسر .
و حق الاتباع يكون بالسير على هدي النبي و على خطاه و اقتفاء أثره و امتثال أوامره و اجتناب نواهيه كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) رواه مسلم .
لذلك قال الحق سبحانه و تعالى (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ )) أي باتباعكم للنبي سوف يتأتى لكم حب الله الذي تحبونه سبحانه و تعالى و فوق هذا كله و بعد أن يحبكم الله تعالى يكرمكم بفضله و كرمه (( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) فيغفر الذنوب فهو سبحانه الغفور الرحيم .
عرفنا أن حقيقة محبة النبي في اتباعه حق الاتباع فماذا عن مخالفة النبي في قوله و فعله .
إذا نظرنا في القرآن الكريم نجد هنالك من الآيات التي أمرت بطاعة النبي و حذرت من مخالفته صلى الله عليه و سلم و فيما يلي بعض الآيات التي وردت في هذا الشأن .
يقول الحق سبحانه و تعالى { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }آل عمران32 ففي هذه الآية يقول الحق سبحانه و تعالى قل لهم يا محمد أطيعوا الله و الرسول فإن تولوا أي خالفوا عن أمره سبحانه فماذا عنهم نجد الإجابة (( فإن الله لا يحب الكافرين )) . و أيضاً يقول الحق سبحانه و تعالى لنبيه الكريم {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80 / أي ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فما بعثناك -أيها الرسول- على هؤلاء المعترضين رقيبًا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها, فحسابهم علينا.
و قال تعالى محذرا عن مخالفة أمر النبي و هديه { ........ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
فالعبرة في محبة النبي صلوات ربي و سلامه عليه تكون بالإتباع و ليس بادعاء المحبة دونما إتباع لهديه و سنته فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم (( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قالوا و من يأبى يا رسول الله ؟ قال من أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى )) متفق عليه و لا يفوتنا و نحن نتكلم عن حب النبي أن نشير إلى هذا الحديث فلقد قال النبي صلى الله عليه و سلم (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده و والده و الناس أجمعين )) متفق عليه
ليس هذا فحسب بل يجب أن نحب النبي أكثر من نفوسنا فقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا رسول الله لأنت أحب ّ إلىّ من كل شيء إلا من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا و الذي نفسي بيده جتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر : إنه الآن و الله لأنت أحبّ إلىّ من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الآن يا عمر )) رواه البخاري .
فمما سبق يتضح لنا أنه ما من سبيل لمحبة النبي محبة صادقة إلا باتباعه صلى الله عليه و سلم في كل ما أمر به و اجتناب ما نهى عنه و أن محبته صلى الله عليه و سلم الصادقة جزاؤها محبة الله لنا و مغفرة ذنوبنا .
هذا و صلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم