إن تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مؤخراً جعل للموت تكاليف باهظة في الدول الغربية بصورة لم تعهدها تلك الدول من قبل، وذلك بدءاً من تكاليف العلاج في المستشفيات وانتهاء بنفقات الدفن، حيث يسعى الكثيرون للحصول على قبر ملائم لهم بعد رحيلهم عن الدنيا.
ولكن، ماذا لو رغب الشخص بأن يخبر الأصدقاء المقربين بأمور معينة بعد وفاته؟.
ربما كان ذلك الأمر صعباً في وقت سابق، ولكن بفضل الإنترنت وبعض المواقع المتوافرة على الشبكة بشكل كبير، أصبح الميت قادراً على إرسال رسائل أو بريد إلكتروني إلى أهله وأصدقائه، عبر موقع مخصص لتواصل الموتى مع الأصدقاء وأفراد الأسرة. فمن خلال الموقعين المتخصصين بتواصل الموتى مع الأصدقاء وأفراد الأسرة «ديث سويتش» Death switch و«سلايتلي موربيد» Slightly morbid يتم توفير خدمات إرسال البريد الإلكتروني من «الموتى» الذين كانوا قد تركوا مثل تلك الرسائل في عهدتهما من أجل إعادة إرسالها إلى أولئك الأصدقاء، أو إلى أشخاص بعينهم، بعد وفاتهم. كما أن خدمة بريد إلكتروني جديدة ستمكنهم من إرسال ما يصل إلى 100 رسالة عقب الوفاة.
«نادي الرسائل الأخيرة» الإلكترونية
وقام الموقعان الإلكترونيان المذكوران أيضاً بإطلاق خدمة«نادي الرسائل الأخيرة» الإلكترونية، والتي تسمح بكتابة ملحوظات شخصية قبل وفاة الشخص لإرسالها إلى أحبائه مستقبلاً بعد وفاته. وقد تضم تلك الرسائل رسائل الحب الأخيرة أو لفت النظر لأشياء تركها الراحلون وراءهم أو قائمة بالتعليمات أو بيانات وثيقة التأمين على الحياة، وغيرها من المعلومات المالية، كما يمكن وضع وثائق مهمة مثل الوصايا وبيانات التأمين ليتم الحصول عليها عن طريق تلك الخدمة، فضلاً عن إرفاق الصور وأشرطة الفيديو.
ويصر القائمون على خدمة نادي الرسائل بأن الفكرة ليست بالبشاعة التي أثيرت حولها، بل على العكس، هي تهدف إلى تخفيف التوتر والاضطراب المرتبط بفكرة الموت.
وأكد القائمون أن العضو في الخدمة يمكنه كتابة ما يصل إلى 100 رسالة إلكترونية، لإرسالها بعد وفاته، وفي الوقت الذي يحدده، عندما يتزوج أحد المقربين منه أو يرزق بطفل، على سبيل المثال.
ويعمل نادي الرسائل الأخيرة بإعطاء الأعضاء مساحة خاصة، ومن ثم يمكنهم من كتابة الرسائل وتحديد من سترسل إليه. وأوضح جيف ريس مؤسس نادي الرسائل الأخيرة، أن من بين أول المسجلين في تلك الخدمة، جيليجان سيمون «63 عاماً» من كامبريدجشير، حيث كتب رسائل لزوجته، وأطفاله وأصدقائه ليتلقوها بعد وفاته.
وقد تشتمل المعلومات الواردة في تلك الرسائل على أمور شخصية للموتى، مثل كلمات السر أو الرغبات الأخيرة أو خواطر حب أو مجرد رسائل بسيطة تذكر بوفاة ذلك الشخص.
ومن أجل تحقيق تلك الرغبات يقوم الموقع بإرسال رسائلهم بعد موتهم، على أن يقوم الموقعان بالتحقق بين فترة وأخرى من الشخص المعني إن كان قد مات فعلاً، وذلك بإرسال رسائل إلى المعنيين أو المشتركين لديهما والذين ينبغي عليهم الرد على تلك الرسائل، وفي حال لم يرد أحدهم، فهذا يعني أنه مات، ومن ثم يقوم الموقع بإرسال رسائل الموتى إلى المعنيين بالموضوع.
وتتراوح التكلفة السنوية لهذه الخدمة بين 20 دولاراً، كما هو الحال في موقع «ديث سويتش»، و10 إلى 50 دولاراً كما في موقع «سلايتلي موربيد».
مخاطر لا بد منها
وتكمن الخطورة في أن يكون المشترك في هذين الموقعين قد سافر إلى منطقة مقطوعة عن العالم أو لا تتوافر فيها خدمات الإنترنت، وفي هذه الحالة لا يستطيع المشترك الدخول إلى عنوانه وصفحته، ومن ثم يمكن أن تعتقد الشركة أنه توفي، وتقوم بإرسال رسائله الإلكترونية إلى الأصدقاء والأهل، ما يثير أزمة كبيرة لديهم.
فتخيلوا لو أن امرأة سافر زوجها إلى دولة من تلك الدول التي لا تتوافر فيها الإنترنت، وفجأة تستلم رسالة تفيد بأن زوجها مات، وبعد كل هذه المعاناة يعود زوجها من السفر، لا شك في أن الأمر سيكون كارثياً على الزوج والزوجة على السواء.
«Legacy Locker»
وصايا الموتى على الإنترنت
وفي هذا السياق أيضاً قام الأميركي جيرمي تومان بإطلاق موقع «Legacy Locker» الإلكتروني الذي يتيح للمشتركين كتابة وصاياهم على الإنترنت، بحيث يوضحون ما لهم وما عليهم ويوزعون تركتهم بالطريقة التي يريدونها.
ويمكن للمستخدمين أن ينشئوا حسابات لهم على الموقع بحيث يتيحون عناوين الأشخاص الذين يحق لهم الاطلاع على وصاياهم بعد موتهم وذلك، بالإضافة إلى «رسائل إرث» أو رسائل يودون إيصالها إلى أحبائهم بعد وفاتهم.
فعندما تصل رسالة تفيد وفاة أحد مستخدمي الموقع، يقوم الأخير بإرسال أربع رسائل الكترونية للمستخدم، للتأكد من صحة الخبر وينتظر 48 ساعة، فإذا لم يرد يبدأ بإرسال رسائل إلكترونية إلى الأشخاص الذين وضعت عناوينهم للتأكيد من خبر وفاته.
وبالمقابل أكد تومان أن الموقع لن يتيح المجال للورثة الاطلاع على ممتلكات المتوفى الإلكترونية، حتى يقوم فريق عمل موقعه بفحص نسخة عن شهادة وفاته.
وبحسب تومان، فإن فكرة الموقع كانت قد راودته عندما كان مسافرا على متن طائرة وحينئذ كان قد تساءل عن مصير حساباته وممتلكاته على الإنترنت والتي لا تعرف عائلته عنها شيئا، ما حفزه على إيجاد حل لهذه المسألة عبر تصميم «Legacy Locke».