نوَّه الله تعالى بشأنها، وسماها ليلة
القدر: قيل: لأنها تقدَّر فيها الآجال والأرزاق وما يكون في السنة من التدابير
الإلهية؛ كما قال تعالى{
فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ
حَكِيمٍ}[سورة الدخان: آية 4]، فسماها الله ليلة القدر من أجل ذلك.
وقيل: سميت ليلة القدر لأنها ذات قدر وقيمة ومنزلة عند الله سبحانه وتعالى.
وسماها ليلة مباركة؛ كما قال تعالى: {
إِنَّا
أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [سورة
الدخان: آية 3]. ونوه الله بشأنها بقوله: {
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [سورة القدر: آية 2، 3]؛
أي: العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة
القدر، وألف شهر ثلاثة وثمانون عامًا وزيادة؛ فهذا مما يدل على فضل هذه الليلة
العظيمة.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها ويقول صلى الله عليه
وسلم"
"من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما
تقدم من ذنبه وما تأخر" [رواه البخاري في صحيحه (2/253).
(بدون ذكر... وما تأخر) ]. وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها
الملائكة والروح، وهذا يدل على عظم شأنها وأهميتها؛ لأن نزول الملائكة لا يكون إلا
لأمر عظيم. ثم وصفها بقوله: {
سَلامٌ هِيَ حَتَّى
مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر: آية 5]، فوصفها بأنها سلام، وهذا
يدل على شرفها وخيرها وبركتها، وأن من حرم خيرها؛ فقد حرم الخير الكثير.
فهذه
فضائل عظيمة لهذه الليلة المباركة. ولكن الله بحكمته أخفاها في شهر رمضان؛ لأجل
أن يجتهد المسلم في كل ليالي رمضان؛ طلبًا لهذه الليلة، فيكثر عمله، ويجمع بين كثرة
العمل في سائر ليالي رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها، فيكون
جمع بين الحسنيين، وهذا من كرم الله سبحانه وتعالى على عباده. وبالجملة؛ فهي ليلة
عظيمة مباركة، ونعمة من الله سبحانه وتعالى، تمر بالمسلم في شهر رمضان، فإذا وفق
باستغلالها واستثمارها في الخير؛ حصل على أجور عظيمة وخيرات كثيرة هو بأمس الحاجة
إليها.